”نساء في أروقة الأسرة العلويّة”.. صاحبة الأيادي ”فاطمة بنت إسماعيل”
الأكثر مشاهدة

حكمت أسرة محمد عليّ باشا مصر من 1805 وحتى 1952، ذهبوا وبقيت قصورهم تشهد على مظاهر الأبهة والعظمة، فقد عاشت مصر خلال حكمهم فترات من رغد العيش لكنه كان حكرًا على طبقة محددة وتأسست على أيديهم مصر الحديثة لكنها أيضًا شهدت فسادًا ومكائد واحتلال من قبل المستعمر البريطاني، كل ذلك كانت هناك شاهدات عليه من نساء عشن في أروقة القصور الملكية وطرقها المعبدة وخلف ستائر الحرملك على مدار هذه الحقبة الزمنية، كان منهن من حظت بحب المصريين ومنهن من مرت كلمحٍ بالبصر ولم تترك أثرًا يذكر، سنحكي عنهن في حلقات متتابعة، حكايات من زمن الأميرات والحرملك ولطرق المعبدة بالأحجار الكريمة..
ضريح أثري، يكشف حاله كيف تتنكر مصر لتراثها القومي وتهمله، عائلات تسكن بجانب المكان التي ترقد به سليلة محمد عليّ باشا، قمامة تحيط بالقبر، غسيل نشر على الحبال ليجف فوقه، أبقار تم ربطها أمامه، ليتحول ضريحها غير المعترف به من قبل وزارة الآثار في منطقة الإمام الشافعي إلى "عشة" .. هي فاطمة بنت الخديو إسماعيل بن إبراهيم بن محمد عليّ باشا.
أحبت الأميرة العلم والثقافة وأعمال الخير، لكنها لم تتمكن من دخول الجامعة لمنع الفتيات من الالتحاق بالجامعات وقتها، فتم زواجها من الأمير طوسون بن محمد سعيد باشا والى مصر، عام 1871، وارتدت تاجًا من الماس وكان فستانها من الحرير الأبيض الفرنسى الثمين المرصع بأغلى أنواع اللؤلؤ و الماس و ذيله طوله 15 مترًا.
في ذاك الوقت كان إنشاء جامعة القاهرة "فكرة" يقبع أمامها الكثير من العقبات ومنها توفير نفقات الأرض والبناء، و مقر تلقي طلابها للعلم يدفع مقابل إيجاره أربعمائة جنيه سنويًا، وهو مبلغ كبير للغاية في ذاك الوقت، للخواجة جناكليس، وهو نفس المبنى الذي تشغله حالياً الجامعة الأمريكية بميدان التحرير، وسط القاهرة.
وفي يوم علمت الأميرة فاطمة من طبيبها الخاص محمد علوي باشا بما يواجه الجامعة من مشاكل مالية، فتجلى حبها للعلم في تلك اللحظة، وأعلنت عن تنازلها للجامعة عن مساحة ستة أفدنة لتبنى عليها الجامعة العربية الأولى، إلى جانب وقفها ريع ٣٣٥٧ من الأفدنة و١٤ قيراطًا و١٤ سهمًا من الأرض الزراعية في مديرية الدقهلية بمنطقة الدلتا.
بلغتها فيما بعد أنباء توقف بناء كلية الآدب والمشروع ككل بسبب تكلفته الضخمة والتي بلغت وقتها 26ألف جنيه، فآثرت التخلي عن مجوهراتها في سبيل العلم، بأن وضعتها تحت تصرف هيئة الجامعة ولكن الهيئة لم توفق في بيعها داخل القطر المصري بمبلغ يفيد في إتمام المشروع، الأمر الذي دفعهم لاختيار محمد علوي باشا للسفر وبيع تلك التحف النادرة خارج البلاد، وقد عاد بملغ هائل وصل إلى 70 ألف جنيه مصري. وإلى الآن هناك بكلية الآداب لوحة مكتوب عليها " ذكرى عطرة للأميرة فاطمة إسماعيل التي أسهمت فى بناء هذه الكلية".
قطع المجوهرات تلك كانت تراثًا للأسرة العلوية، فبعضها ورثته الأميرة من الوالي سعيد باشا، وإحداها كانت هدية من السلطان عبد العزيز لأبيها الخديوي، وجميعها صيغت من مختلف أنواع الأحجار الكريمة النادرة.
وفي الرابعة والنصف عصرًا من يوم الإثنين الموافق ٣ جمادى الأول ١٣٢٢هـ، الموافق ٣١ مارس ١٩١٤م تم وضع حجر الأساس لجامعة القاهرة في احتفال مهيب تحملت الأميرة، التي لم تتمكن من الحضور، تكلفته.
ولم يتوقف عطاءها عند هذا، فقد أوقفت عام 1913 حوالى 100 فدانًا للمنح الدراسية، خصت عائداتها ديواني البحرية والحربية فيتم صرفهم فى تعليم اثنان على الأقل من كل جهة، منهم الضباط أو تلامذة المدارس الحاصلين على الشهادات النهائية المدرسية، كذلك التكفل بالأطفال اليتامى في الكسوة والمأكل والتعليم.
وقبيل وفاتها تنازلت عن السراي الخاصة بها والتي قدرت مساحتها بـ 125 ألف متر مربع، والتي تحوّلت للمتحف الزراعي فيما بعد، كذلك منحت الحكومة ما تبقى من أملاكها لتكون بذلك منطقة الدقي.
الكاتب
ندى بديوي
الخميس ٢٢ سبتمبر ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا